التلميذ النجيب للشيخ حسن العطار الذي كان هو موضوع المقالة السابقة, ولد رفاعة رافع بطهطا (المنيا) بصعيد مصر (( 1801 ـ 1873م)),خرج الطهطاوي من الأزهر العام (1822م)وعمل بالتدريس مدة عامين ,كما عمل كواعظ بالجيش المصري عامين آخرين , ثم رافق البعثة التعليمية التي أوفدها محمد علي إلي باريس ,كان وفادته كإمام للبعثة , أي كان مجرد ,لكن يشاء القدر أن يكون هو الرائد بينهم , فقد تعلم الفرنسية وآدابها , ورصد بيعن النابه المديقق المتفحص ,حياة أهل باريس , من هنا ,عاد ,وانطلق منذ العام (1831م) من إمام للبعثة ,إلي إمام للحركة الفكرية والعلمية والتعليمية .
اعتقد البعض كذبا ,أن الطهطاوي مجرد تباع مبهور للحضارة الغربية , لفرط إعجاب الطهطاوي بالعلوم الغربية , فلم يكن من دعاة التغريب , بل كان أحد المجددين لحضارتنا العربية الإسلامية .
علم أن تراثنا , كان فيه العالم فقيه ,ليس فقيه وحسب , فوجد الأزهر قد خاصم علوم حضارة ,وتوقف عند علوم الشريعة .فاختلف مع هذا الوضع والواقع الذميم وليس كما يظن البعض من موقع النتغرب ,إنما من منطلق المثل والاقتداء في النهج لا المنهج, ونأخذ العبرة مما سبق ,كما هم أخذوها منا في السابق .
ورأي أن العلوم (التمدن) لا تتمايز عن العلوم الشريعة في التناقض , فقد شاهد علوم المقاصد والغايات في متناول الغرب المتقدم , ودعا إلي تعلمها كأصل إسلامي ف حضارتنا وهي علوم إسلامية في الأساس , فأقام دعواه بين طلاب الأزهر كي يتعلموا سائر العلوم البشرية المدنية , التي هي أساس كل تقدم .
فالطهطاوي ..قد نهض بمسؤوليات رائدة في مجال التعليم المدني , يدعو إلي امتزاج علوم الشريعة وعلوم الحضارة في الأزهر كمناط الأمل في تحقيق التقدم.
وهنا سؤال مهم طرحه البعض من المثقفين ....
هل لو وضعت أفكار الرجل محل التطبيق ؟ أكان هناك مجال لما حث من ازدواجية في مؤسسات التعليم ,أتاحت للتغريب نصيب الأسد في هذه المؤسسات؟.
وعندما استجابات الأنظمة للتاثيرات الاستعمارية , لم يسعفها تيار المحافظة بالاجتهاد الفقهي الذي يجعل الشريعة تلبي احتياجات العصر ,فطلب من الطهطاوي ان يترجم القانون الفرنسي , من باب العلم بالفكر القانوني الأروبي
ثم تصاعد النفوذ الأجنبي في البلاد فيما بعد حكم محمد علي , فجعل هذا القانون الفرنسي شريعة للمحاكم المختلطة , فكتب الطهطاوي:" ..... والمعاملات الفقهية لو انتظمت ,و جري عليها العمل , لما أخلت بالحقوق , ونتوفيقها علي الوقت والحال ,مما هو سهل العمل علي من وفقه الله لذلك من ولاة الأمور المستيقظين,!... ذلك أم من أمعن النظر في كنت الفقه الإسلامية ,ظهر له أنها لا تخلو من تنظيم الوسائل النافعة من المنافع العمومية ".