ما ورد عن قصة ذي القرنين في المصادر اليهودية والنصرانية قاطبة والإسلام قد قمت بتحقيقه وتحليله في دراسة علمية فريدة من نوعها، تعتبر الأولى من نوعها ومنهجها في تاريخ جامعة الأزهر الشريف، وهي بعنوان: (قصص سورة الكهف في الديانات السماوية الثلاث دراسة تاريخية تحليلية نقدية مقارنة في ضوء التوراة والإنجيل والتاريخ والآثار من خلال المصادر الأصلية لكل ديانة أي العبرية والسريانية) وسوف أقوم بعمل مقال شامل لهذه القصة ونشره على هذه الموسوعة قريبًا بإذن الله. وتجدر الإشارة أنني قمت بتحقيق عدد 105 تفسير من تفاسير المسلمين في هذه القصة (قصة ذو القرنين) وتحقيق جميع المصادر اليهودي والنصرانية. كما قمت بدراسة وتحقيق لكل شاردة وواردة حول هذه القصة في الدراسات القديمة والحديثة، وكذلك ما ورد على الشبكة الدولية للمعلومات. د. إبراهيم ثروت حداد عافية. دكتوراه مقارنة الأديان والتفسير، وعضو المنظمة العالمية للكتاب الأفريقيين والآسيويين وعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية.
ذو القرنين اسم شخص ورد في القرآن كملك عادل ,بنى سدا يدفع به آذى يأجوج ومأجوج عن إحدى الاقوام.
و يحكي لنا القرآن قصة ذو القرنين بإنه بدأ التجوال بجيشه في الأرض، داعيا إلى الله. فاتجه غربا، حتى وصل للمكان الذي تبدو فيه الشمس كأنها تغيب من وراءه. وربما يكون هذا المكان هو شاطئ المحيط الأطلسي، حيث كان يظن الناس ألا يابسة وراءه. فألهمه الله – أو أوحى إليه- أنه مالك أمر القوم الذين يسكنون هذه الديار، فإما أن يعذبهم أو أن يحسن إليهم.
فما كان من الملك الصالح، إلا أن وضّح منهجه في الحكم. فأعلن أنه سيعاقب المعتدين الظالمين في الدنيا، ثم حسابهم على الله يوم القيامة. أما من آمن، فسيكرمه ويحسن إليه.
بعد أن انتهى ذو القرنين من أمر الغرب، توجه للشرق. فوصل لمنطقة وقت طلوع الشمس و ليس أول مكان تطلع عليه الشمس كما يظن البعض. وكانت أرضا مكشوفة لا أشجار فيها ولا مرتفات تحجب الشمس عن أهلها. فحكم ذو القرنين في المشرق بنفس حكمه في المغرب، ثم انطلق.
[بحاجة لمصدر]ورد في تفسير معنى اسمه أنه سمي بذي القرنين لأنه ورد أقصى الأرض في المغرب وأقصاها في المشرق.
لا تعرف هوية ذي القرنين على وجه الدقة، وقد قيل أنه الاسكندر الأكبر، وقيل أنه كورش الكبير وثمة دراسة حديثة تقول بأنه اخناتون الفرعون المصري، بينما رأى آخرون أنه ملك عربي ممن عاشوا قبل الإسلام. ويرى آخرون انه داريوس ملك الفرس
في القرآن
ذو القرنين ذُكر في القرآن الكريم في سورة الكهف حين سأل أشار اليهود على كفار مكة بأن يسألوا الرسول عن الروح وعن فتية فقدت وعن ذي القرنين فجاء الرد في سورة الكهف بدءا من الآية 83 حتى الآية 98: "ويسئلونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا"
يروي القرآن أن شعبا استنجد بذي القرنين من يأجوج ومأجوج الذين يؤذونهم وطلبوا منه أن يحول بينهم، فما كان منه إلا أن بنا سدا - أي سورا دفاعيا - كما جاء في سورة الكهف.
[عدل] أقوال في ذي القرنين
يقول سيّد قطب رحمه الله: "وبذلك تنتهي هذه الحلقة من سيرة ذي القرنين. النموذج الطيب للحاكم الصالح. يمكنه الله في الأرض, وييسر له الأسباب; فيجتاح الأرض شرقا وغربا; ولكنه لا يتجبر ولا يتكبر, ولا يطغى ولا يتبطر, ولا يتخذ من الفتوح وسيلة للغنم المادي، واستغلال الأفراد والجماعات والأوطان, ولا يعامل البلاد المفتوحة معاملة الرقيق; ولا يسخر أهلها في أغراضه وأطماعه.. إنما ينشر العدل في كل مكان يحل به, ويساعد المتخلفين, ويدرأ عنهم العدوان دون مقابل; ويستخدم القوة التي يسرها الله له في التعمير والإصلاح, ودفع العدوان وإحقاق الحق. ثم يرجع كل خير يحققه الله على يديه إلى رحمة الله وفضل الله, ولا ينسى وهو في إبان سطوته قدرة الله وجبروته, وأنه راجع إلى الله." (في ظلال القرآن).
نسبه اختلف فية فقيل انه من حمير وقيل انه الاكسندر المقدوني والله اعلم بذلك
ابن كثير
رأى ابن كثير أن ذا القرنين أحد التبابعة العظام من الأذواء اليمنيين من نسل ملوك العرب حمّير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود.
حمّير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود
وقد ذكره أيضا ابن هشام الذي قال أيضا إنه الإسكندر في السيرة والتيجان وأبي ريحان البيروني، ويرى مثلهم نشوان الحميري في كتبه "شمس العلوم" وكتاب "خلاصة السير الجامعة لعجائب أخبار الملوك التبابعة",وقد جاء في بعض أشعار الحميريين تفاخرهم بجدهم ذو القرنين منها:
قد كان ذو القرنين جدي مسلما ملكا تدين له الملوك وتحتشد
وبـلغ المشارق والمغرب يبتغي أسباب أمر من حكيم مـرشـد
فراي مغيب الشمس عند غروبها في عين ذي خلب وثأط حرمد
توجد أشعار عربية كثيرة تروي مجد ونسب ذي القرنين حتى أنه رثاه الشاعر الشهير امرؤ القيس الكندي:
ألم يحزنك أن الدهر غول ختور العهد يلتهم الرجالا
أزال عن المصانع ذا رياش وقد ملك السهول والجبالا
همام طحطح الآفـاق وجيا وقـاد إلى مشارقها الرعالا
وسد بحيث ترقى الشـمس سدا ليأجوج ومأجوج الجبـالا
و قال المنذر بن ماء السماء اللخمي ملك الحيرة :
فما ملك العراق على المعلي بمقدار ولا الملك الشآم
أسد شاص ذي القرنين حتى تولى عـارض الملك الهـمام
وقد قال تبع الأكبر شعرا:
أنـا تُبَّع الأمـلاك من نسـل حِمْيَر ملكنـا عباد الله في الزمن الخالي
مـلكنـاهم قهرا وسارت جيوشنا إلى الهند والأتراك ترى بأبطـال
ولـك بـلاد الله قـد وطئت لـنـا خيـول لـعمري غيــر نـكـس واعزال
فمـالـت بنـا شرق البـلاد وغربـها لهتـك ستور نكبة ذات اهجـال
وعـطـل مـنهـا كـل حـصن ممـنع ونقـل منـها مـا حوته مـن مـال
وتلك شروق الأرض منها وطأتها إلى الطين والأتراك حـالا على حـال
فإبـنا جمـيعا بالسـبايا وكنـا على كـل محبوك من الخيل صهـال
بكـل فتاة لم تر الشمس وجهها اسيلة تجري الدمع بـيضاء مكـسال
سمـوت الـرى غرثى الوشاح كأنها من الحسن بدر زال عن غيم هطال
أتـينا بـها فـوق الجـمال حواسـرا بـلا دملج باق عليها وخلخال
تـركناهـم عـزلا تطـيح نفوسـهـم فـلا سـاكن منـهم مقـيم ولا وال
فما الناس إلا نحن لا ناس غيرنا وما الناس ان عدوا لقوي بأمثال
المقريزي
قال المقريزي في الخطط: "أعلم أن التحقيق عند علماء الأخبار أن ذا القرنين الذي ذكره الله في كتابه العزيز فقال: «و يسألونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا» الآيات عربي قد كثر ذكره في أشعار العرب، وأن اسمه الصعب بن ذي مرائد بن الحارث الرائش بن الهمال ذي سدد بن عاد ذي منح بن عار الملطاط بن سكسك بن وائل بن حمير بن سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود (عليه السلام) بن عابر بن شالح بن أرفخشد بن سام بن نوح (عليه السلام)، وأنه ملك من ملوك حمير ملوك اليمن وهم العرب العاربة، ويقال لهم أيضا العرب العرباء، وكان ذو القرنين تبعا متوجا، تبع لقب يطلق على ملوك اليمن ولما ولي الملك تجبر ثم تواضع لله، واجتمع بالخضر، وقد غلط من ظن أن الإسكندر بن فيلبس هو ذو القرنين الذي بنى السد فإن لفظة ذو عربية، وذو القرنين من ألقاب العرب ملوك اليمن، وذاك رومي يوناني وأيضا هذا اليوناني لم يعمر أكثر من 30 عام وقتل وسيرته معروفه ولا داعي للخلط
أبو جعفر الطبري
قال أبو جعفر الطبري: "وكان الخضر في أيام أفريدون الملك بن الضحاك في قول عامة علماء أهل الكتاب الأول، وقيل: موسى بن عمران (عليهما السلام) وقيل: إنه كان على مقدمة ذي القرنين الأكبر الذي كان على أيام إبراهيم الخليل (عليه السلام) وإن الخضر بلغ مع ذي القرنين أيام مسيره في البلاد نهر الحياة فشرب من مائه وهو لا يعلم به ذو القرنين ولا من معه فخلد وهو حي عندهم إلى الآن، وقال آخرون إن ذا القرنين الذي كان على عهد إبراهيم الخليل (عليه السلام) هو أفريدون بن الضحاك وعلى مقدمته كان الخضر وهذا الرأي ضعيف."
أبو محمد عبد الملك بن هشام
قال أبو محمد عبد الملك بن هشام في كتاب "التيجان في معرفة ملوك الزمان": "وكان تبعا متوجا لما ولي الملك تجبر ثم تواضع واجتمع بالخضر ببيت المقدس، وسار معه مشارق الأرض ومغاربها وأوتي من كل شيء سببا كما أخبر الله تعالى، وبنى السد على يأجوج ومأجوج."
ابن عباس
يرى ابن عباس أن الإسكندر غير ذي القرنين، إذ قال عن ذي القرنين أنه "من حمير وهو الصعب بن ذي مرائد الذي مكنه الله في الأرض وآتاه من كل شيء سببا فبلغ قرني الشمس ورأس الأرض وبنى السد على يأجوج ومأجوج". بينما الإسكندر "كان رجلا صالحا روميا حكيما بنى على البحر في إفريقية منارا، وأخذ أرض رومة، وأتى بحر العرب، وأكثر عمل الآثار في العرب من المصانع والدول"
كعب الأحبار
وسئل كعب الأحبار عن ذي القرنين فقال: الصحيح عندنا من أحبارنا وأسلافنا أنه من حمير وأنه الصعب بن ذي مرائد، والإسكندر كان رجلا من يونان من ولد عيصو بن إسحاق بن إبراهيم الخليل (عليه السلام) ورجال الإسكندر أدركوا المسيح بن مريم منهم جالينوس وأرسطوطاليس.
قول الهمداني
وقال الهمداني في كتاب الأنساب: وولد كهلان بن سبإ زيدا، فولد زيد عريبا ومالكا وغالبا وعميكرب، وقال الهيثم: عميكرب بن سبإ أخو حمير وكهلان فولد عميكرب أبا مالك فدرحا ومهيليل ابني عميكرب، وولد غالب dfجنادة بن غالب وقد ملك بعد مهيليل بن عميكرب بن سبإ، وولد عريب عمرا، فولد عمرو زيدا والهميسعhe is from yemen and his name was saqr ويكنى أبا الصعب وهو ذو القرنين الأول، وهو المساح والبناء، وفيه يقول النعمان بن بشير.
فمن ذا يعادونا من الناس معشرا كراما فذو القرنين منا وحاتم
وفيه يقول الحارثي:
سموا لنا واحدا منكم فنعرفه في الجاهلية لاسم الملك محتملا
كالتبعين وذي القرنين يقبله أهل الحجى فأحق القول ما قبلا
وفيه يقول ابن أبي ذئب الخزائي:
ومنا الذي بالخافقين تغربا
وأصعـد في كـل الـبلاد وصوبا
فقـد نال قرن الشمس شرقـا ومغربا
وفـي ردم يـأجوج بـنى ثم نصبـا
وذلـك ذو القـرنين تفخر حمير
بعسكر فيل ليس يحصى فيحسبا
قال الهمداني: وعلماء همدان تقول: ذو القرنين الصعب بن مالك بن الحارث الأعلى بن ربيعة بن الحيار بن مالك، وفي ذي القرنين أقاويل كثيرة.
أراء المحدثين
أبو الكلام آزاد
يرى أبو الكلام آزاد أن ذا القرنين هو نفسه قورش الكبير الملك الأخميني، ورفض ما سبق من أقوال بأنه الإسكندر المقدوني على أساس أنه لم يعرف عنه فتوحات في الغرب ولا أنه بنى سدودا، كما استند إلى منطلقات عقدية من كون الإسكندر وثنيا وليس كما يبين القرآن أنه مؤمن.
كما رفض آزاد ما سبق من أنه عربي قحطاني يمني، على أساس أن سؤال اليهود النبيَّ عنه كان بقصد إحراجه، ولو كان عربيا لكان لقريش علم به ولما كان سؤالهم معجزا.
يبني آزاد نظريته على أساس أن أصل تسمية "ذي القرنين" من اسم ورد في التوراة هو "لوقرانائيم" وهو اسم أطلقه اليهود على قورش الذي بجلوه لتسامحه معهم أن كان أسلافه قد قهروهم.
و يدلل على رأيه بتمثال شهير له يمثله وعلى رأسه قرنان.