بقلم الأستاذ الدكتور حسني حمدان حمامة
يقول الله تعالى
ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) [سورة البقرة].
وفي الآية ما يدل على هبوط الحجارة من رأس الجبل من خشية الله، وفيها إدارك لذلك بحسبه. وقد زعم البعض أن خشية الحجارة من باب المجاز،
ولكن ورد في الصحيح: " هذا جبل يحبنا ونحبه " ، وفي صحيح مسلم: " إنني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث، إني أعرفه الآن ". فما علينا إلا أن نسلم أن السبب في هبوط ركام الصخور من على سبيل خشية الله.
ويشمل هبوط الكتل
السريان (Flow) والانزلاق (Slide) والسقوط (Fall) ويمثل السريان حركة خليط الصخور والتربة والماء على هيئة سائل لزج،
والزحف (Creep) نوع من السريان البطئ يحدث بمعدل اسم /عام.
ويتكون سريان الحطاميات (
Debris Flow) من حطاميات حجمها أكبر من حجم حبات الرمل.
وتمثل
الفيضانات الترابية Earth flowوالطينية Mud flowحركة الحبات الناعمة والماء. والتزحلق (Slide) يمثل حركة الكتل المتماسكة المتحركة كوحدة واحدة. والسقوط : هو الهبوط المباشر تحت قاعدة الجرف.
تفوق الأخطار الناشئة من هبوط ركام الصخور أخطار الزلازل، فما يحدثه هبوط الحطام الصخري في عام واحد يفوق الأضرار الناتجة عن الزلازل في عشرين سنة.
كانت مدينة يونجي (Yungay)مدينة آمنة تحتل موقعاً رائعاً في أعالي جبال الأنديز في بيرو على نهر سلنتا (Santa River).
وبدأت مأساة القرية إثر حدوث زلزال في شهر مايو من عام 1970ميبعد مركزه بمائة كيلومتر عن المدينة، فتحركت على أثره كتلة جليدية عرضها 800م عبر المنحدرات الحادة محطمة الكتل الصخرية بسرعة تتراوح بين 200إلى 430كم/ساعة لمسافة 140كم في أرض منبسطة. فملأ الركام الصخري النهر، ودفنت المدينة حتى أنه لم يظهر منها إلا أعالي أشجار النخيل، ودفن 1800 شخص تحت الركام. ولم تنج من المدينة سوى المقابر (Cemetery) التي كانت تحتل ربوة عالية، ومعها القلة الناجية التي هرعت إلى تلك المقابر.
صدق الله تعالى في محكم تنزيله
وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ)[سورة النحل].