لا يمكن الفصل بين الثقافة العربية وباقي العناصر , فان التفاعل بين الثقافة والظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية وكافة العناصر الأخرى هي التي تشكل في النهاية قوة الأمة وحضارتها
ولقد اعتمدت الحضارة الإسلامية في بداياتها علي المزج بين العلوم النقلية أو الشرعية والتي تشمل القراءات والتفسير وعلم الحديث والفقه وعلوم اللغة الخ… وكلها عربية بطبيعة الحال مع العلوم العقلية أو الحكمية التي أخذها العرب عن باقي الأمم مثل الفلسفة والهندسة والطب والجغرافيا الخ…وهذا يعني أن الثقافات المختلفة تتناقل فيما بينها وتتفاعل وترقي برقي الأمة وتقدمها في كافة المجالات وتكتسب سمتها العامة والتي أصبحت فيما بعد وفي أوج ازدهارها ثقافة عربية فريدة أثرت إلى حد بعيد في باقي الثقافات خاصة الغربية علي أيدي علماء الأندلس وغيرهم
وهكذا فان تقهقر الثقافة العربية يرتبط في المقام الأول بانحدار الدولة العربية وغرق شعوبها فيما بعد في مستنقعات التشتت والانقسام والاستعمار ثم الأنظمة الديكتاتورية إلى آخر هذه العوامل
وبالنظر إلى ظروف الأمة العربية الحالية يتجلي واضحا ما آلت إليه الثقافة العربية رغم ثراء تراثها لأنها لا تتقدم ولا تنمو بالشكل اللازم ارتباطا بالنمو في باقي العناصر وبناءا علي ذلك وبعيدا عن الشعارات فإن الثقافة الغربية هي الأكثر تأثيرا الآن
أما بشأن المظاهر والأفكار الغربية المرفوضة فإنه لازال في تراثنا الإسلامي العريق والزاخر ما يحمينا من تغلغلها وانتشارها في مجتمعاتنا فقط يلزم توفير الظروف المناسبة للمثقفين والمفكرين العرب ووسائل الإعلام المختلفة للإيضاح والبيان بحرية تامة.
وهكذا فإن البحث والإسهام العلمي المهمل حاليا في معظم الدول الإسلامية هو طريقنا إلي استعادة دورنا وتأثيرنا الحضاري في العالم أجمع وبسبب تخلفنا في ذلك لفترات طويلة يصبح الطريق صعبا ولكن ما من مفر غير السير فيه ....
سمير زين العابدين